تراقب الأسواق زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي عن كثب في ظل تشكيل البيانات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية لمسار اليورو على المدى القريب.
يواصل زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي جذب اهتمام السوق، حيث يوازن المتداولون بين بيانات التضخم الأمريكية القوية، وحذر الاحتياطي الفيدرالي، ومؤشرات الهشاشة الاقتصادية في منطقة اليورو. في الجلسة الأوروبية يوم الجمعة، تعافى اليورو بشكل طفيف، لكنه ظلّ دون عتبة 1.1700، ولا يزال بعيدًا عن أعلى مستوى له خلال الأسبوع عند 1.1730. وقد شكّل هذا المستوى مقاومةً قوية، حيث تذبذبت حركة السعر تحته مرارًا وتكرارًا.
كان الانتعاش الأخير في سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي مدفوعًا بشكل كبير بتراجع طفيف في قيمة الدولار الأمريكي، حيث استوعب المستثمرون تداعيات بيانات مؤشر أسعار المنتجين الأمريكي (PPI) القوية الصادرة يوم الخميس. وقد أبرز هذا الارتفاع في أسعار الجملة التأثير التضخمي للرسوم الجمركية التجارية، مما أثار تساؤلات صعبة أمام صانعي السياسات في مجلس الاحتياطي الفيدرالي المحاصرين بين تباطؤ النمو وضغوط الأسعار المرتفعة باستمرار.
كشفت أحدث الأرقام أن أسعار الجملة في الولايات المتحدة ارتفعت في يوليو بأسرع وتيرة لها في ثلاث سنوات. وارتفع مؤشر أسعار المنتجين الرئيسي بنسبة 0.9% على أساس شهري و3.3% على أساس سنوي، متجاوزًا بذلك التوقعات البالغة 0.2% و2.5% على التوالي. كما تسارع مؤشر أسعار المنتجين الأساسي، الذي يستثني الغذاء والطاقة، بشكل حاد إلى 0.9% شهريًا و3.7% سنويًا، متجاوزًا بذلك التوقعات بكثير.
أدى هذا الارتفاع في تكاليف المدخلات في البداية إلى توقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يقاوم تخفيضات أسعار الفائدة الأكثر صرامة. ووفقًا لأداة CME FedWatch، انخفض احتمال خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر بشكل حاد بعد صدور البيانات، على الرغم من أن خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس لا يزال متوقعًا بقوة. كما قدّمت طلبات إعانة البطالة الأسبوعية دعمًا معاكسًا، حيث انخفضت بمقدار 3000 طلب لتصل إلى 224000 طلب، مما خفف المخاوف بشأن ضعف سوق العمل.
بالنسبة لليورو مقابل الدولار الأميركي، خلق هذا خلفية معقدة: ففي حين يعزز التضخم القوي الدولار من خلال كبح توقعات التيسير السريع للسياسة، فإن معنويات السوق المحفوفة بالمخاطر ــ التي لا تزال تراهن على مستوى معين من التيسير من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي ــ حدت من الزخم الصعودي للدولار.
على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، رسمت بيانات منطقة اليورو صورةً أقل تفاؤلاً بكثير. فقد أكدت القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني أن الكتلة نمت بنسبة 0.1% فقط على أساس ربع سنوي و1.4% على أساس سنوي، وهو أقل بكثير من التقديرات السابقة البالغة 0.6% و1.5%. كما جاء الإنتاج الصناعي مخيباً للآمال، حيث انخفض بنسبة 1.3% على أساس شهري في يونيو، متجاوزاً توقعات بانخفاض قدره 1%. وعلى أساس سنوي، انكمش الإنتاج بنسبة 0.2%، مقارنةً بتوقعات بارتفاع قدره 1.7%.
لم تُخفف بيانات التوظيف من وطأة الوضع، إذ استقر نمو الوظائف عند 0.1% على أساس ربع سنوي و0.7% على أساس سنوي. وتُبرز هذه الأرقام مجتمعةً ضعف الزخم الاقتصادي في منطقة اليورو، مما يُفاقم الضغط الهبوطي المُستمر على اليورو.
إلى جانب مؤشرات الاقتصاد الكلي، تراقب الأسواق عن كثب التطورات الجيوسياسية. قد تُؤثر القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المعنويات، لا سيما فيما يتعلق بالصراع الدائر في أوكرانيا. وبينما لا يتوقع الكثيرون حدوث انفراجة فورية، فإن أي مؤشرات تشير إلى تهدئة التوتر قد تُخفف المخاوف بشأن أزمة الطاقة في أوروبا، وتُتيح لليورو بعض الطمأنينة.
بالإضافة إلى ذلك، من المقرر صدور أرقام مبيعات التجزئة الأمريكية في وقت لاحق اليوم، مع توقعات بارتفاعها بنسبة 0.5% على أساس شهري في يوليو (0.3% باستثناء السيارات). ستوفر هذه الأرقام فهمًا أعمق لمرونة إنفاق المستهلك الأمريكي في ظل الضغوط المرتبطة بالرسوم الجمركية.
من الناحية الفنية، لا يزال زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي مقيدًا دون مستوى مقاومة خط الاتجاه الهابط عند 1.1730، وهو المستوى الذي حدّ مرارًا من محاولات الصعود منذ أوائل يوليو. يحوم مؤشر القوة النسبية (RSI) على الرسم البياني لأربع ساعات بالقرب من مستوى 50 المحايد، إلا أن ظهور تباعد هبوطي ينذر بتلاشي الزخم الصعودي.
على الجانب السلبي، يقع الدعم الأولي عند 1.1590، بالتزامن مع أدنى مستويات التأرجح الأخيرة. قد يؤدي انخفاض أعمق إلى الوصول إلى 1.1530 و1.1460. في المقابل، سيُشير الاختراق المستمر فوق 1.1735 إلى نهاية مرحلة التصحيح، مما يفتح الباب أمام 1.1789 و1.1830.
في الوقت الحالي، يتداول الزوج حول مستوى 1.1680/81. حيث يقع الزوج بين هشاشة اقتصاد منطقة اليورو والمسار غير المؤكد للسياسة النقدية الأمريكية.
تتوازن توقعات زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي بشكل دقيق بين عوامل متنافسة: بيانات التضخم الأمريكية الأقوى من المتوقع، وسياسة الاحتياطي الفيدرالي الحذرة وإن كانت متساهلة، واقتصاد منطقة اليورو الذي يزداد هشاشة. لا تزال الحواجز الفنية عند مستوى 1.1730 محورية، حيث يترقب المتداولون إما اختراقًا حاسمًا أو تجددًا للضغوط الهبوطية. في غضون ذلك، قد تُشكّل التطورات الجيوسياسية وبيانات مبيعات التجزئة الأمريكية القادمة المحفز التالي. في الوقت الحالي، يبدو أن الزوج سيظل متقلبًا، حيث ينتظر كل من المتفائلين والمتشائمين إشارات أوضح.
إخلاء مسؤولية: هذه المادة لأغراض إعلامية عامة فقط، وليست (ولا ينبغي اعتبارها كذلك) نصيحة مالية أو استثمارية أو غيرها من النصائح التي يُعتمد عليها. لا يُمثل أي رأي مُقدم في المادة توصية من EBC أو المؤلف بأن أي استثمار أو ورقة مالية أو معاملة أو استراتيجية استثمارية مُعينة مُناسبة لأي شخص مُحدد.
استقر الجنيه الإسترليني قرب أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع يوم الجمعة بعد أن دفعت بيانات التضخم الأقوى من المتوقع المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي.
2025-08-15ارتفعت الأسهم الآسيوية مع تسجيل مؤشر نيكاي 225 أرقامًا قياسية، وتوقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي الياباني، وارتفاع مؤشر CSI300 الصيني في ظل آمال التحفيز. فهل يصمد هذا الانتعاش وسط بيانات متباينة؟
2025-08-15رغم انتعاش شهية المخاطرة، ارتفع الفرنك السويسري بأكثر من 10%. ويُعد ارتباطه الوثيق بالذهب من الأصول الآمنة المفضلة.
2025-08-14