انخفضت أسعار النفط الخام بأكثر من 10% هذا العام بسبب محادثات السلام ومخاطر العرض ومخاوف الطلب التي تزعزع استقرار الأسواق العالمية وتؤثر على المعنويات.
شهد سعر النفط الخام تقلبات متجددة خلال الأسابيع الأخيرة، حيث لا تزال التوقعات الجيوسياسية المتغيرة ومضاربات السوق تؤثر سلبًا على معنويات السوق. وسجل خاما برنت وغرب تكساس الوسيط، وهما الخامان المرجعيان العالميان، انخفاضات بنسبة مئوية من رقمين منذ بداية العام. وركز المتداولون اهتمامهم بشكل متزايد على تطورات المشهد الدبلوماسي، لا سيما المناقشات التي تشمل الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا، والتي قد تُعيد صياغة آفاق الإمدادات واستقرار الطاقة على المدى الطويل.
جاء الانخفاض الأخير في السوق في أعقاب تزايد التكهنات المحيطة بالاجتماعات رفيعة المستوى بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن. ومن المقرر أن يحضر هذه المحادثات قادة أوروبيون، بمن فيهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، مما يشير إلى وجود مخاطر وفرص في آن واحد في أسواق الطاقة العالمية.
يشير مراقبو السوق إلى أن احتمال تخفيف العقوبات على صادرات الطاقة الروسية - في حال إحراز تقدم نحو تسوية سلمية - قد يزيد المعروض العالمي بشكل ملموس. وقد ضغط هذا الاحتمال، حتى في بداياته، على أسعار النفط الخام. ففي يوم الجمعة الماضي، أغلقت عقود خام غرب تكساس الوسيط لشهر سبتمبر عند 62.80 دولارًا للبرميل، بانخفاض 1.81% عن سعرها في اليوم السابق، بينما أغلقت عقود خام برنت لشهر أكتوبر عند 65.85 دولارًا، بانخفاض 1.48%. واستمر هذا التراجع حتى جلسة يوم الاثنين، مما عزز قلق المستثمرين.
كان أحد العوامل الرئيسية وراء تراجع أسعار النفط الخام هو نتيجة اجتماع ألاسكا الأسبوع الماضي بين الرئيس ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ورغم عدم التوصل إلى اتفاق نهائي، أشار ترامب إلى أنه سيشجع زيلينسكي على قبول الشروط الروسية التي تتضمن تنازلات إقليمية، وهو موقف زاد من احتمال تخفيف العقوبات على النفط الروسي. وصرح وزير الخارجية ماركو روبيو بأنه على الرغم من أن اتفاق السلام لا يزال بعيدًا، إلا أنه "تم إحراز تقدم".
أعرب ترامب صراحةً عن رغبته في وقف إطلاق النار، حتى أنه هدد بالانسحاب من العملية في حال انهيار المحادثات. في البداية، ألمح إلى فرض عقوبات أشد على قطاع الطاقة الروسي، إلا أنه بدا يوم الجمعة أكثر ميلًا للتراجع عن الإجراءات العقابية. دفع هذا التحول في لهجته المتداولين إلى إعادة تقييم توقعاتهم، مما جدد الضغط على أسعار النفط الخام.
إلى جانب العوامل الجيوسياسية، تُبرز العوامل الأساسية أيضًا صورةً مُحفِّزة. يُشير المُحلِّلون إلى أن حالة عدم اليقين المُحيطة بالسياسة التجارية الأمريكية، واحتمالية العودة السريعة للطاقة الفائضة لأوبك+، قد خلقت رياحًا معاكسة للنفط. وحذَّر روبرت ريني، رئيس أبحاث السلع والكربون في ويستباك، من أنه على الرغم من أن محادثات واشنطن قد تُشير إلى تقدُّم، إلا أن أيَّ تأخير في إجراءات التعريفات الجمركية الأمريكية قد يُفاقم الزخم الهبوطي لأسعار النفط الخام.
في غضون ذلك، توقعت وكالة الطاقة الدولية مؤخرًا أن يشهد سوق النفط العالمي فوائض قياسية بحلول عام 2026، إذ يتزامن ارتفاع المعروض مع ضعف الطلب. وقد غذّى هذا التوقع التشاؤم على المدى الطويل، مما ساهم في اتخاذ المستثمرين مواقف حذرة.
حُوصِر سعر النفط الخام في نطاق ضيق منحدر نحو الانخفاض، مما يعكس الشد والجذب المستمرين بين التفاؤل بشأن محادثات السلام والقلق بشأن فوائض المعروض. ويبدو أن المتداولين غير راغبين في وضع رهانات جريئة على اتجاهات السوق حتى تظهر إشارات أوضح من واشنطن وموسكو. في الوقت الحالي، لا تزال الأسواق في حالة ترقب، متوترة بشأن المخاطر المباشرة والتغيرات الهيكلية طويلة الأجل.
لا يزال سعر النفط الخام يتأثر بمزيج قوي من العوامل الجيوسياسية والأساسية. وقد أثار احتمال إحراز تقدم في مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا حالة من عدم الاستقرار في الأسواق، إذ قد يؤدي تخفيف العقوبات إلى زيادة المعروض حتى مع تراجع الطلب العالمي. ومع انخفاض خامي برنت وغرب تكساس الوسيط بأكثر من 10% هذا العام، لا تزال معنويات المستثمرين هشة. وبالنظر إلى المستقبل، سيكون التفاعل بين الدبلوماسية، والقدرة الإنتاجية لأوبك+، وتغير السياسات التجارية، حاسمًا. أما بالنسبة لأسواق الطاقة، فمن غير المرجح أن يعود الهدوء قريبًا، ويبدو أن سعر النفط الخام سيظل شديد التأثر بالمناورات السياسية والتوقعات الاقتصادية على حد سواء.
إخلاء مسؤولية: هذه المادة لأغراض إعلامية عامة فقط، وليست (ولا ينبغي اعتبارها كذلك) نصيحة مالية أو استثمارية أو غيرها من النصائح التي يُعتمد عليها. لا يُمثل أي رأي مُقدم في المادة توصية من EBC أو المؤلف بأن أي استثمار أو ورقة مالية أو معاملة أو استراتيجية استثمارية مُعينة مُناسبة لأي شخص مُحدد.
انخفض الين يوم الاثنين قبيل اجتماع ترامب وزيلينسكي، مع مراقبة المستثمرين أيضًا ندوة جاكسون هول التي يعقدها بنك الاحتياطي الفيدرالي بحثًا عن أدلة على السياسة.
2025-08-18سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مستويات قياسية الأسبوع الماضي، مدفوعًا بأرباح قوية لشركات التكنولوجيا، وتراجع التضخم، وتزايد الإقبال على المخاطرة. ما هي الأحداث الرئيسية التي ستؤثر على الأسواق هذا الأسبوع؟
2025-08-18تراقب الأسواق زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي عن كثب في ظل تشكيل البيانات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية لمسار اليورو على المدى القريب.
2025-08-15